نسرين شاهين، محمد حمود، مها شعيب
نعيــش اليــوم زمــن الأزمــات التربويــة، والاجتماعيــة، والاقتصاديــة، والأمنيــة، ليــس فــي لبنــان فحســب، بــل فــي مختلــف بلــدان المنطقــة. إن اســتمرار الأزمــة الاقتصاديــة والاجتماعيــة فــي لبنــان قــد تــرك آثــا ًرا وخيمــة علــى القطاعـات بشـكل عـام، وعلـى القطـاع التربـوي بشـكل خـاص، والتلاميـذ بشـكل أخـص. وكمـا جـاء فـي تقريـر خطة الاسـتجابة لأزمـة لبنـان 2022-2023 لليونيسـف أن الأزمـات الاجتماعيـة والاقتصاديـة والصحيـة (جائحـة كورونـا) أدت إلـى تـرك 700،000 تلميـذ خـارج المدرسـة، ممـا سـبب لديهـم فاقـ ًدا تعليم ًًيـا. كمـا تسـببت، بدايـة الأزمـة الاقتصاديـة فـي وضـع 1.2 مليـون لبنانـي خـارج التعليـم عـام 2020 وفـق دراسـة أعدهـا مركـز الدراسـات اللبنانيـة أظهـرت أن عـدد ايـام التعليـم التـي خسـرها الـطلاب فـي المـدارس الحكوميـة منـذ عـام 2016 بلغـت 765 يومـا تدريسـا فعلـي.
لـذا، ُيظهـر الواقـع أن تلاميـذ المدرسـة الرسـمية إذا تمـت مقارنتهـم مـع تلاميـذ المـدارس الخاصـة التـي ُتعـد ذات جـودة تعليميـة عاليـة هـم الأكثـر تضـر ًرا مـن تراكـم الأزمـات التـي أدت إلـى إقفـال المـدارس لفتـرات طويلـة علـي مــدي أربــع ســنوات متتاليــة، لأســباب متعــددة، بــد ًءا مــن أزمــة الوضــع الاقتصــادي، مــرو ًرا بأزمــة كورونــا، وصــو ًلا لتفاقـم الأزمـات اجتماع ًًيـا وأمن ًًيـا، ومـا رافقهـا مـن إضرابـات وهجـرة للأسـاتذة مقابـل تقليـص الأسـابيع التعليميـة مـن معـدل 32 أسـبو ًعا إلـى 18 أسـبو ًعا، تصاعـ ًدا ونـزو ًلا، بحسـب الأيـام التعليميـة المنفـذة فـي كل مدرسـة، بمـا لا يتمـم ثلثـي 165 يو ًمـا التـي كانـت تنفـذ قبـل الأزمـة، إذ وصلنـا فـي العـام الدراسـي الماضـي 2022-2023 إلـى أيـام تعليميـة لا تتعـدى 110 أيـا ٍم، فـي حيـن لـم تتخـ َطَّ فـي بعـض المـدارس الأربعيـن يو ًمـا.
انطلا ًقـا مـن هـذه المعطيـات، تتنـاول دراسـتنا الفاقـد التعليمـي بشـكل أساسـي عنـد تلاميـذ الصـف العاشـر ثانــوي، بهــدف تحســين المســتوى التعليمــي للتلاميــذ اللبنانييــن والســوريين فــي المــدارس الحكوميــة علــى حـ ٍد سـواء، فـي ثلاث مـواد تعليميـة (الرياضيـات واللغـة العربيـة واللغـة الإنكليزيـة)، إذ إن الأزمـات الصعبـة التـي مـ ًر بهـا لبنـان أثـرت علـى كل المقيميـن فيـه، بمختلـف جنسـياتهم. لـذا أردنـا إجـراء دراسـة الفاقـد التعليمـي مـن خلال اختيـار ثلاث مـواد تعليميـة (الرياضيـات، اللغـة العربيـة، واللغـة الإنكليزيـة)؛ لأنهـا ُتعـد مـواد أسـاس فــي دراســة الفاقــد التعليمــي، وقــد تــم اعتمادهــا فــي دراســات عــدة2 ُحــدد علــى أساســها الفاقــد التعليمــي وآليـة تخطيـه، مثـال مـا جـاء فـي تقاريـر تعـود إلـى وزارة التربيـة، والمركـز التربـوي للإنمـاء والبحـوث، واليونيسـف، والبنـك الدولـي، وبدعـم مـن منظمـات عـدة.