تكشف جائحة كوفيد-19 عن البنية الأساسيّة الهشّة للنظم التعليميّة في البلدان الثلاثة لبنان و الأردن و فلسطين. تقلصت قدرة الوصول للتعليم ذا الجودة لجميع الطلاب و الطالبات و خاصة الأطفال من الفئات و المجتمعات الأكثر تهميشا.
اتّفق المعلمون و المعلمات و الطلاب و الطالبات والأهالي على تدهور نوعية التعليم والتعلّم المقدم عن بعد خلال فترة الحجر الصحي. إذ لم تسفر برامج التعلّم عن بُعد عن تأثير إيجابي وخاصة في ما يتعلّق بجودة التعليم الذي يتلقاه الطلاب والطالبات. واختلفت نوعية التعليم حسب نوع المدرسه والقطاع والبلد. فقد اشار الجزء الأكبر من طلاب/ات المدارس الخاصّة، يليهم الطلاب/ات الملتحقون بمدارس الأونروا إلى أن جودة التعليم خلال الجائحة كانت جيّدة إلى جيّدة جدًا. بينما عبّر طلاب/ات المدارس الحكومية/الرسمية وغير النظامية عن مستويات رضا أدنى بكثير.
الاستعداديّة والأداء حسب البلد
تبيّن أنّ الأردن هو البلد الأكثر استعدادًا للتعلّم عن بُعد نظرًا لتوافر منصّة إلكترونيّة قائمة مسبقًا، أعدّتها وزارة التعليم قبل جائحة كوفيد-19. وقد تمكّنت الأونروا، التي سبق وان وضعت خطة للتعليم في حالات الطوارئ، من التعامل أيضًا مع الأزمة بشكل أفضل. أمّا في لبنان، فكانت وزارة التربية والتعليم العالي (MEHE) هي الأقلّ استعدادًا وافتقارًا إلى أي منصّة أو أداة قد تساعد في توفير تعليم وتعلّم ذي جودة. وقد لجأت وزارة التربية والتعليم اللبنانيّة إلى منصّة تلفزيونيّة بهدف دعم الفئات العمريّة التي ستخضع للامتحانات الرسميّة في نهاية العام الدراسي.
“لم تتضمن خطط التعلّم عن بعد الأطفال اللاجئين/ات المسجّلين/ات في المدارس الرسميّة بدوام بعد الظهر في لبنان، وقد فقدوا بالتالي فرص التعليم”.
هناك عوامل تعرقل عملية التعلّم عن بُعد وهي الحواجز الهيكليّة المعروفة جيّدًا والقائمة منذ فترة طويلة، مثل انقطاع التيّار الكهربائي في لبنان وفلسطين (قطاع غزة) والإنترنت الذي يتّسم ببطئه الشديد.

Student in Lebanon participating in distance learning. Source Word Bank
اللجوء إلى التكنولوجيا البسيطة
تبيّن أنّ المعلمين/ات هم الأكثر استخدامًا للتكنولوجيا في التعلم عن بُعد. اما التقنيّات الأكثر استخدامًا في البلدان الثلاثة فهي تطبيقات كالواتس اب WhatsApp، يليها زووم Zoom و Microsoft Teams. هناك نقص للدعم التكنولوجي من قبل المدارس والوزارات و بالتالي هناك حاجة للجوء الى التكنولوجيا البسيطة. فيوفّر التلفزيون، المستوى الأدنى من متطلّبات التكنولوجيا والاتصال وسيلة للتعليم عبر القنوات التلفزيونيّة المحليّة. إلا أنّ المعلمين/ات لم يجدوا قيمة للتعليم من خلال التلفزيون ولم يُستخدم على نطاق واسع كمرجع للتعليم عن بعد. أفاد طلاب/ات المدارس الخاصّة أنّ لديهم اتصال إنترنت جيّد أو جيّد جدًا، في حين أشار طلاب/ات الأونروا والمدارس الرسميّة وغير النظامية إلى أنّ اتصالهم بالإنترنت يتراوح بين ضعيف وجيّد. وأشار معظم الطلاب/ات في البلدان الثلاثة إلى عدم امتلاكهم جهازًا لوحيًا (57٪) أو كمبيوتر محمول (45٪) أو كمبيوتر شخصي (63٪). لكن أفادت الغالبيّة العظمى أنّها تمتلك هاتفًا ذكيًّا شخصيًّا(67٪).
المشكلات التي يواجهها المعلمات و المعلمون
لقد استغلّت المدارس المعلمون/ات، ولا سيّما العاملين/ات في القطاع الخاص. فقد عملت الغالبيّة لساعات أطول من ساعات العمل العادية من دون تعويض مالي يذكر، بل وعانى معظمهم من تخفيض الرواتب، وطُلب من آخرين أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر. وأشار المعلمون/ات أيضًا إلى شبه انعدام فرص التطوير المهني أو الدعم الفنّي أو المالي من قبل مدارسهم ووزارات التعليم على حدٍ سواء لتطوير قدراتهم على التعليم عن بعد. وأشارت اغلبية المعلمات/ين الى خبرتهم المحدودة في استخدام التكنولوجيا، وهذا ما يفسّر لجؤ الأغلبية لاستخدام التكنولوجيا البسيطة لتعلم عن بعد مثل تطبيق الواتساب. لم يتعرّض معلمو/ات القطاع العام، بالمقابل، إلى أي تخفيضات في الرواتب كما ولم يتم الطلب من معلمي/ات المدارس الرسمية (الحكومية)، بصرف النظر عن القلّة القليلة من المبادرات الشخصيّة ، إعطاء دروس نظاميّة عبر الإنترنت.

Source UNRWA in Jordan
محنة التلاميذ
وفقًا للأساتذة، كان التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصّة والتلاميذ الذكور الأكثر تضرّرًا من حيث الاستبعاد والانسحاب أثناء التعلّم عن بُعد. إذ كان التلاميذ الذكور هم الأكثر تردّدًا أو الأقلّ رغبة بالانضمام إلى التعلّم عن بُعد أو الإلتزام به ربما بسبب انجذابهم إلى العمل لقاء أجر. أمّا التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصّة، فقد تمّ استبعادهم أو تهميشهم إلى حد كبير بسبب عدم إمكانيّة وصولهم أو عدم ملاءمة الأدوات المتوافرة لاحتياجاتهم.